أ ـ مفهوم المشروع الشخصي للفرد :
المشروع الشخصي هو مرجع ذاتي لإنجاز هدف معين من بين مجموعة من الأهداف التي يتوخاها الفرد ويسعى لتحقيقها في الحياة، يشعر صاحبه بأنه يفكر بطريقة متطورة تبعده عن الأسلوب الروتيني، وتبعده عن الشعور بأن الآخر يفكر في مكانه حول ما يتعلق بحاجياته ومطامحه.
تعتمد التربية الكشفية على تقوية شخصية الفرد، ليكون قادرا على تحمل مسؤولياته وواعيا بظروف حياته لتدبيرها بشكل يتلاءم مع ظروفه ومع ظروف محيطه الاجتماعي. ويعتبر المشروع الشخصي من بين الآليات التي تساهم في بلورة شخصيته، لكون المشروع هو تخطيط لما سيقدم عليه الفرد من أعمال وأنشطة، لتحديد وتأمين ما هو آت من الزمن برؤية ذاتية واضحة وقناعة شخصية، وفي هذا الاتجاه فان المنظور التربوي لمفهوم المشروع يرتكز على بيداغوجية إكساب المتعلم مجموعة من الكفايات المركزية :
المسؤوليـة الذاتيــة : يتخذ الفرد من نفسه مصدرا لأفعاله ونتائج أعماله ؛
المبادرة و اتخاذ القرار : يحدد الفرد أهدافه ويخطط لبلوغها؛
التــوقـعـيـــة : يحدد الفوائد التي سيجنيها والسقف الزمني لمشروعه؛
التكـيـف والتـلاؤم : يتكيف الفرد مع الواقع ويتدبر تصرفاته وفق المستجدات(1)
ب ـ تخطيط مشروع المخيم :
مشاركة الفرد في المخيم قرار يتخذه بنفسه بكل واقعية، ويتبناه ويسعى إلى تحقيقه بمشاركة أسرته وزملائه عبر الخطوات التالية :
أن يعرف الفرد ماذا يريد
أن يخطط لذلك بكل واقعية
يسعى لتحقيقه (2)
إن المشروع الشخصي تمثل تنبؤي لنتيجة مستقبلية يستهدف منها الفرد تحقيق مقاصده ومطامحه ورغباته وحاجياته التي يخطط لها عبر مشروعه الخاص، الذي سيَشرع في تنفيذه مباشرة قبل التحاقه بالمخيم. فهو تحديد لتحقيق رغبة في الاكتشاف والمغامرة والتحدي، ولعيش تجربة متميزة بين الأقران في حياة الخلاء، وتحقيق المتطلبات المرتبطة بنظام التقدم الذي يخضع له طيلة السنة داخل طليعته ووحدته .
المشاركة في المخيم مشروع خاص بالفرد، فهو مشروع تربوي ذاتي، فهو انخراط الفرد بوعي ومسؤولية في - المستقبل - وانفتاحه على آفاقه الواسعة المتمثل في : قضاء عطلته وفق انتظاراته وتطلعاته، التي تحركها وتنشطها رغبته في قضاء فترة مليئة بالمتعة والتشويق والحماس والمغامرة. تحدوه هذه الرغبة وهذا الانتظار طيلة أنشطة السنة كي يتوجها بأنشطة المخيم رفقة طليعته برؤية مليئة بالطموح الذي تغذيه الرغبة العارمة التي تحرك رغبته في تنفيذ التجربة التخييمي.
ث - البعد التربوي للمشروع الشخصي :
يرتبط المشروع الشخصي بصيرورة الزمن الآني والمستقبلي، ويرتبط بالرؤية التي يرسمها الفرد لهذا المستقبل الذي ينطلق من لحظة الوعي بما هو مطلوب منه من أعمال لتحقيق مشروعه الشخصي.
يتوقف نجاح المشروع الشخصي للفرد على:
على طبيعة الاتجاهات : القيم والأخلاق التي توجه الفرد وتحدد طبيعة أهدافه ؛
على نوعية العلاقة القائمة بين الجهات الأساسية الثلاثة وهي :
يسمح المشروع للفرد بتقييم خبراته وتجاربه السابقة والعمل على بلورتها من خلال رؤية مستقبلية (العطلة) يخطط من أجلها مشروعه، عبر المحفزات التربوية ( الرغبة في المغامرة والاكتشاف والتحدي) رفقة طليعته، التي تدفعه كي يسعى إلى تحقيقها (3) من خلال رغبة ذات الفرد في المشاركة رفقة المجموعة، عبر جدب مشروع المخيم للفرد، وموافقة ودعم الأسرة. وتحقيق أنشطته الواحدة تلو الأخرى، وبذلك يدخل في حركية مستمرة، وهذا ما جعل"جون ديـوي" يدعو إلى : أن عمل الأفراد بطريقة المشروع منذ سن مبكرة تنمي استعداداتهم وقدراتهم وإعدادهم للانخراط بالحياة العامة بفعالية.
ج - تنفيذ المشروع (4):
يتم تفعيل المشروع الذاتي من طرف الفرد رفقة مجموعته، من خلال انخراطه في الوضعيات التربوية التي يعدها قادة المخيم والتي تحقق تطلعات وانتظارات الفرد والمجموعة، فعندما يحقق الفرد مشروعه بوصوله إلى المخيم، ينتقل من خلال تنظيمه الذهني من مشروع تنشيطي إلى مشروع آخر، عند التحاق الفرد بالمخيم يندمج داخل مجموعة من الأقران، تجمعه معهم المشاريع الشخصية الخاصة بكل فرد، حيث ينساق كل ملتحق في سياق المجموعة الصغيرة والتلاؤم معها من خلال الانتماء لها وفق ما كان يتصور تقريبا، ويحاول أن ينفذ مشروعه الشخصي بمعية المجموعة كما كان يتوقعه.
المشروع الشخصي الذي يحدد مشاركة الفرد بالمخيم، ينطلق منه لبلورة الكفايات من خلال الطريقة الحية التي يندمج الفرد فيها عبر ما يلي :
انخراطه وتفاعله مع حركية الأنشطة ومواصلتها ؛
تعامله الإيجابي مع الوضعيات التربوية التي تنفذ بها الأنشطة؛
علاقاته مع "الطليعة" المجموعات التي يتفاعل معها ؛
تحركاته التي تكون وفق مشاريع صغيرة متلاحقة، يختارها بنفسه رفقة مجموعته .
ح ـ المشروع التربوي للفرد و" الطليعة " المجموعة :
السياق العام لأنشطة للمخيم تؤطر مجموعة من الوضعيات التربوية يتنقل بينها كل الفرد، وتجعل من الأفراد والمجموعات ينخرطون في مشاريع ترتبط بمشاركتهم في الأنشطة، التي تحفزهم على تفوقهم في المسابقات التي تشكل مضمون فقرات برنامج المخيم، وتبدل المجموعة (الطليعة) أقصى جهدها لبلورة خططها وبرامجها التي تدخل ضمن رؤيتها المستقبلية عبر دينامكية متواصلة، في سياق تربوي مخطط له سلفا، حيث تحاول الطليعة ـ من خلال اختيار مشاريعها ـ تحـقـــيـق متعة النجاح والتتويج، وتحاول أن تعطي للأفراد انطباعا جيدا عن الذات الجماعية، لكي تكتسب قوة تماسكها والتحامها، عبر تحقيق مشاريعها بعزيمة قوية، يغذيها التلاحم والتضامن والتآزر بين الأفراد، الذين يحققون مشاريعهم الفردية من خلال مشروع المجموعة، عبر تحقيق التقدم والحصول على شارات بالنسبة للفرد وللطليعة معا.
خ ـ مشاركة الأطفال في الأنشطة (5):
تتطلب مشاركة الفرد فى الأنشطة التربوية، توفير مجموعة من العناصر المدعمة لحماس الأفراد، في إطار الوضعيات التربوية أهمها :
توليد الحماس والرغبة لدى الأفراد للمشاركة فى الأنشطة المقترحة والمبرمجة ؛
تأهيل حماس "الطليعة" وانسجامها وتضامنها للإنخراط في الأنشطة ؛
إثارة الرغبة في مزاولة الأنشطة التي تولد الاستعداد فى خوض التجربة والاستمرار فيها ؛
توفير الفضاء ـ المجال ـ المتلائم مع حاجيات الأفراد والمتناسب مع حماسهم وانتظاراتهم ؛
توفير منظومة من القيم الواضحة وغير المتناقضة لحياة المجموعة ؛
ضمان الهدوء والطمأنينة للأفراد في جو الأنشطة الحماسية المحققة للشارات ؛
ح ـ تخطيط وتنفيذ مشروع الفرد والطليعة :
اندماج وانسجام الفرد مع المجموعة (الطليعة)، وانخراطه في الأنشطة التي يتضمنها البرنامج العام للمخيم، انتماء الفرد للطليعة وتجاوبه مع أقرانه في سياق الأنشطة والتنافس والرغبة في الفوز والتتويج، هذه الوضعيات النشيطة تعطي الشعور بتحقيق الانتظارات، واكتشاف تجارب جديدة يستحسنها ويرغب في عيشها رفقة الفرقة. فالطليعة تخطط مشروع مشاركتها بالمخيم في سياق تفاعلاتها مع الأنشطة طيلة السنة، وتحاول أن تبرز خلاله جل أعمالها بفضاء المخيم، باعتباره محطة هامة من حياة الحركة الكشفية .
انتماء الأفراد للطليعة والعمل كمجموعة لتخطيط وتنفيذ مشاريع المجموعة تعطي للأفراد الانطباعات والمشاعر التالية :
فرصة تجميع الأفكار والاقتراحات المتناثرة ـ تنفيذ نظام الطلائع ؛
إمكانية توحيد رؤى أفراد الجماعة عبر تضافر الجهود والتضامن الجماعي ؛
فرصة تحقيق الآمال والطموحات المشتركة ـ تنفيذ نظام التقدم ؛
انصهار الأفكار الفردية تعطي آراء جماعية ناضجة ؛
المخيم جزء من مشروع المسار التربوي للممارسة الكشفية الذي يتابعه الفرد، ليتوج خلاله أنشطته السنوية، كما يمكن أن يكون فترة انطلاق حياة كشفية جديدة للفرد الحديث الالتحاق بالحركة، وبذلك يكون المخيم بمثابة محطة مهمة من محطات التتبع العادي للأنشطة الكشفية التي يتنقل خلالها الأفراد والطلائع والوحدات في سياق متواصل الحلقات .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
د. أحمد أوزي – المعجم الموسوعي لعلوم التربية – 2006
د. أحمد أوزي – المعجم الموسوعي لعلوم التربية - 2006
د. أحمد أوزي – المعجم الموسوعي لعلوم التربية – 2006
شكيب الرغاي ـ المخيمات التربوية 2010