بحث المشاركون في اليوم الدراسي الذي انطلقت أشغاله، صباح يوم الثلاثاء 29 نونبر 2016 بفندق الرباط بالرباط، " التدابير البديلة للإيداع بمراكز حماية الطفولة "، وذلك من أجل تعزيز الجهود الرامية إلى الرعاية التربوية والاجتماعية لفائدة الأطفال ممن هم في تماس مع القانون .
ويندرج هذا اللقاء، الذي تنظمه وزارة الشباب والرياضة ومنظمة الأمم المتحدة (اليونسيف)، بتنسيق مع وزارة العدل والحريات، في إطار تنفيذ التزامات المملكة المتعلقة بمقتضيات الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل والمواثيق الدولية ذات الصلة بحماية الأطفال، بما يمكن من دعم حقوق هذه الفئات، ويكفل اعتماد تدابير قانونية بديلة تضمن احتضانها في أوساط مؤسسية واجتماعية تحقق النمو المتزن لأفرادها وتوفر إشباع حاجياتهم النفسية والاجتماعية بشكل إيجابي، وكذا تماشيا مع الأهداف الاستراتيجية للسياسة العمومية المندمجة لحماية الطفولة بالمغرب.
وفي هذا السياق، قال رئيس قسم أنشطة وحماية الطفولة بوزارة الشباب والرياضة، السيد محمد أيت الحلوي، إن التدابير الخاصة بالإيداع في مراكز حماية الطفولة "تشوبها العديد من المشاكل والإكراهات الخاصة بوضعية هذه الفئة"، مضيفا أن الإيداع أضحى لا يقتصر على الأطفال الذين هم في تماس مع القانون، بل يشمل كذلك أطفالا من شرائح أخرى، الأمر الذي يصعب من مأمورية العاملين بهذه المراكز.
وأكد السيد أيت الحلوي، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أن الوضع الآن يقتضي البحث عن منظور جديد ، على اعتبار أن المنظومة الحمائية للطفولة العالمية والإقليمية والوطنية تشدد على أن هذه المراكز هي آخر ملاذ للطفل الذي يوجد في وضعية صعبة أو الذي يوجد في تماس مع القانون، وعلى أنه من الأفضل أن يكون متواجدا في مجالات أخرى تسمح له بالاندماج في النسيج الاجتماعي والاقتصادي.
وأشار إلى أن هذا اللقاء، الذي يعد ثمرة تعاون بين مجموعة من الفاعلين، يندرج في إطار تفعيل برنامج "حماية" المدعم من طرف منظمة (اليونسيف) والذي يهدف إلى البحث عن تدابير بديلة للإيداع بمراكز حماية الطفولة، وفي إطار تفعيل السياسة العمومية المندمجة لحماية الطفولة من أجل توحيد مختلف الجهود والرؤى والتوجهات الخاصة بحماية الطفولة وتفعيل مختلف الاستراتيجيات المتعلقة بهذا المجال.
من جهتها، أبرزت السيدة آمنة فروخي، قاضية ملحقة بوزارة العدل والحريات مكلفة بشؤون المرأة والطفل والاتجار بالبشر، في تصريح مماثل، أن هذا اليوم الدراسي يأتي في إطار برنامج "حماية"، وهو برنامج مخصص للأطفال الذين يوجدون في وضعية تماس مع القانون.
وأضافت أن هذا اللقاء يتوخى منه تسليط الضوء على كل البدائل لتجنيب الطفل الإيداع في المؤسسات بصفة عامة، من خلال البحث عن الوسط الأسلم لتربية وإصلاح الأطفال أيا كانت الوضعيات التي يوجد فيها الأطفال ولو تعلق الأمر بوضعية التماس مع القانون، مشيرة إلى أنه في جميع الأحوال يكون هؤلاء الأطفال ضحية لأوضاع اجتماعية.
ويقارب المشاركون في هذا اليوم الدراسي، على الخصوص، " الإطار المعياري الدولي لحماية حقوق الطفل"و "منظور المشرع المغربي للتدابير البديلة للإيداع بمراكز حماية الطفولة" و" بين الإيداع بمراكز حماية الطفولة والتدابير البديلة أي الخيارات أنجع من المنظور النفسي والاجتماعي".
كما يقارب المتدخلون في هذا اللقاء مواضيع "آليات وتدابير الرعاية البديلة في منظومة حماية الطفولة ببريطانيا" و " مشروع الأسر المستقبلية : نموذج وطني لتنزيل التدابير البديلة " و"نظام الحرية المحروسة من خلال برنامج الوساطة الأسرية".
ويتضمن برنامج اللقاء، الذي تميز بتقديم برنامج "حماية"، العديد من الورشات الموضوعاتية ذات الصلة بالتدابير البديلة للإيداع بمركز حماية الأطفال.
وحسب ورقة تقديمية للندوة، تتمثل مرجعية البحث في هذه التدابير في أن الإيداع بمؤسسات الاحتجاز المتمثلة في مراكز الإصلاح والتهذيب أو الإحالة على مؤسسات الإيواء المعنية بحماية الطفولة، مازال يشكل خيارا محوريا يؤخذ به بشكل واسع على الرغم من محدودية آثاره فيما يتعلق بالتأهيل والإصلاح، على الرغم من الكلفة المادية المرتفعة والموارد البشرية التي يتطلبها لتغطية حاجيات الفئات المستهدفة منه.
كما تتجلى في أن التشريعات الوطنية قد أقرت بدائل قانونية وتربوية هامة لفائدة الأطفال المحالين على القضاء، كما تنص على ذلك المواثيق الدولية ذات الصلة، غير أن مجال تطبيق هذه التدابير والإخضاع لها مازال محدودا، ويحتاج إلى تحديد وتطوير معايير ودلائل عمل لتنظيمها، وذلك من خلال اعتبار الأسرة بمثابة الوسط الأساسي والطبيعي في المجتمع الذي يمكن الطفل من مختلف الحاجيات النفسية والاجتماعية اللازمة، وكذا البحث عن أنظمة رعائية بديلة، تستند إلى تحقيق المصلحة الفضلى للطفل وتوفير النمو المتكامل له، وجعل الإيداع بمؤسسات الاحتجاز ملاذا أخيرا، بعد تعذر إيجاد رعاية أسرية أو احتضان من لدن باقي مؤسسات المحيط الاجتماعي الذي ينتمي إليه الطفل.