انتهت الولاية الحكومية 2012 / 2016 يمكن تقويم حصيلتها في قطاع الشباب والرياضة، خصوصا ما يتعلق بقضايا وأنشطة الشباب والطفولة، إذ سبق للحكومة المنتهية ولايتها أن التزمت عبر تصريحها سنة 2012 على الاهتمام بقضايا الشباب وجعله أولوية إستراتيجية، وأكدت التزامها بأن تجعل منه ورشا حكوميا أفقيا، يتجاوز النظرة القطاعية، باعتماد إستراتيجية وطنية مندمجة للشباب عبر بلورة تصور استراتيجي شمولي ينسق ويدعم جهود كل المتدخلين في قضايا الشباب، وفق مقاربة تشاركية مع كل الفاعلين السياسيين والجمعويين في مجال الشباب، من خلال الالتزام بالبرنامج التالي :
• فتح حوار وطني شبابي متواصل ؛
• إرساء المجلس الأعلى للشباب والعمل الجمعوي وإنشاء مجالس جهوية للشباب ؛
• إحداث بنيات التأطير والتوجيه ؛
• تشجيع مساهمة الشباب في الحياة السياسية وانخراطه في العمل الجمعوي والفكري؛
• تأهيل الفضاءات والتجهيزات الثقافية المخصصة للشباب ؛
• دعم “المعهد الوطني للديمقراطية والشباب”.
• توسيع شبكة الفضاءات الشبابية عبر الاستفادة من فضاءات المؤسسات التعليمية ؛
• دعم الجمعيات العاملة في تأطير الشباب القروي، وإدماجه في برامج القرب ؛
• إطلاق مشروع لتنظيم قوافل المواطنة الشبابية ؛
• دعم برامج السياحة الثقافية والسياسية للشباب داخل المغرب و خارجه ؛
• رفع عدد المستفيدين من برنامج العطلة للجميع خلال هذه الولاية إلى مليون ونصف مستفيد ؛
• إشراك الشباب في تصميم وتنفيذ حملات متنوعة للتوعية تستهدف نشر ثقافة النجاح بين الشباب وإعلاء القيم الإيجابية ومواجهة الآفات الاجتماعية ؛
• توعية الشباب ضد الأخطار الاجتماعية عن طريق وسائل الإعلام العمومي والمدرسة والجامعة خاصة المخاطر المتعلقة بالإدمان والجريمة والعنف والاستغلال الجنسي والانحراف؛
هل نستطيع الآن بعد الولاية التشريعية السابقة أن نقوّم حصيلتها بناء على تصريحها وبرامجها، لنرى ماذا تم إنجازه، وما انعكس على قضايا الشباب وأنشطتهم ومجالات حياتهم، لنحدد هل الحصيلة إيجابية أم سلبية ؟ رغم أن عناصر البرنامج غير قابلة لتفسيرها وشرحها بالأرقام، لأنها تعتمد على عبارات تحمل توجها عاما ولا تحمل التشريح الرقمي المرفق بالأثر التربوي، باستثناء فقرة واحدة : " رفع عدد المستفيدين من برنامج العطلة للجميع خلال هذه الولاية إلى مليون ونصف مستفيد " الذي لم يتجاوز حتى الرقم الذي بلغ سنة 2011 دون الحديث عن جودة الخدمات والتدخلات التربوية وتطوير المنشآت والتجهيزات.
كان إلزاما على قطاع الشباب أن يعد وسائله البشرية والمادية لتحقيق هذا البرنامج الطموح، لكنه ظل كما هو سياسة قطاعية متدبدبة، تفتقر للوسائل المتناسبة مع حجم الحاجيات، مع تغييب للتفكير في قضايا الشباب المعاصر، وغياب حوار حقيقي مع مكونات المجتمع المدني، والتعامل مع الجمعيات دون معايير ومقاييس تمكن من دعم الجمعيات الجادة التي تقدم قيمة مضافة لأبناء الوطن، ومحاصرة الجمعيات (المتلاعبة)، للحد من جمود الخدمات وتغطية ضعف سائل العمل التي لا تتناسب مع كم المستفيدين المحتملين حاليا ولاحقا، مع العلم أن المغرب قام في السنوات الأخيرة بإحصاء عام للسكان حسب فئاتهم وشرائحهم وحاجياتهم، تمكن المسؤولين عن القطاع من تحديد الحاجيات وفق طبيعة الخدمات ووفق توزيعها المجالي.
لقد تبين أن هذا القطاع بدأ يفقد رصيده المعرفي والتجارب التي راكمها في السنوات السابقة، بل الأكثر من هذا أنه بدأ يفقد هويته وملامحه التربوية، وأصبح باب التنظير له مفتوحا على مصراعيه، ويبدو أن السبب الرئيسي وراء هذا التراجع البيداغوجي في خدمات الشباب، هو تعاقب المسؤولين الحكوميين الذين يتدخلون في القضايا التربوية والتأطيرية خارج نطاق السياسة الحكومية المصادق عليها من طرف نواب الأمة، ودون الاستناد على أي مرجعية علمية معلومة، ففي كل ولاية يتم استقدام أشخاص ووضعهم على رأس المسؤوليات المحورية المتخصصة في قضايا الطفولة والشباب، والانطلاق في ارتجال البرامج، واتخاذ قرارات حذف فقرات وتغيير فقرات أخرى، دون أي تصور جدي مصادق عليه من طرف الأطر التقنية للوزارة، تنزل التعليمات للتدبير اليومي، في غياب توجهات البرنامج الحكومي . . .
تغيرت الحكومة وتغير البرنامج والتوجهات ولم يتغير أسلوب عمل الوزارة للتلاؤم مع البرنامج الحكومي الجديد، فما هي الحصيلة التي تحققت خلال سنوات 2012 / 2016 مقارنة ما ورد بالبرنامج المشار إليه أعلاه، ليعرف المغاربة وخصوصا المهتمين بقضايا الشباب نسبة ما تم تنفيذه عددا وجودة (كما وكيفا) وأثر البرامج المنفذة حقيقة على حياة الشباب. وليس أرقاما جوفاء غير قابلة للتقويم.
يتوفر المغرب على نتائج الإحصاء العام للسكان والسكنى، الذي يشكل قاعدة بيانات جد هامة تمكن القيام ببحوث ميدانية وموضوعاتية، لتحديد حجم الاحتياجات في جل مجالات الحياة، واعتمادها في تنفيذ السياسات العمومية بما فيها قضايا الطفولة والمراهقين والشباب. والمراهنة على الشباب في بناء وتنمية البلاد رهان رابح، فهي الحل للعديد من المعضلات الاجتماعية التي يتخبط فيها شباب البلاد، خصوصا وأن بلدنا أغلب ساكنته شباب، فما على القطاع سوى إيجاد الآليات والوسائل التي تمكن من المشاركة الحقيقية للشباب في كل مناحي الحياة.
يمكن كسب الرهان إذا تم التفكير بشكل جدي في قضايا الطفولة والمراهقين والشباب، وفتح منافذ لهم لتنمية ذواتهم وتقوية شخصياتهم، ليشاركوا بكل فعالية وجدية في مسيرة البناء والتشييد الذي انطلقت فيه بلادنا.