مقالة للدكتور سعيد هبال إطار بوزارة الشباب والرياضة
نظمت جمعية النساء الرائدات للتنمية و الثقافة في سيدي سليمان ندوة حول العدالة الانتقالية في المغرب على ضوء تجارب دولية ، و استدعت السيد محمد الصبار الأمين العام للمجلس الوطني لحقوق الإنسان و الذي اعتبر أن المجلس الوطني لحقوق الإنسان ليس سلطة تنفيذية أو تشريعية لإصدار القوانين أو سلطة قضائية مؤكدا بأنه مجرد مؤسسة وسيطة تحمل انشغالات المواطنين و تقوم بالترافع عنها و تقدم مقترحات و بدائل من أجل تغيير بعض السياسات العمومية التي لا تتلاءم مع التشريع الدولي و القانون الدولي لحقوق الإنسان .
و انتقل للحديث عن هيئة الإنصاف والمصالحة و التي قال بأنها ليست هيئة قضائية هي كذلك و مهمتها انحصرت في البحث في الانتهاكات الجسيمة و البحث عن ضحايا الاختفاء القسري، و إن فلسفة إحداث هذه الهيئة كانت تحقيق العدالة الانتقالية و القطع مع الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في المغرب .
و شدد السيد الصبار على أن هناك مجموعة من المؤسسات و المواطنين يحملوننا ما لا يدخل في اختصاصاتنا فنحن لسنا مسؤولين عن صفع شرطي لمواطن أو تعنيف المتظاهرين لأن هذا ليس انتهاكا في مستوى الجسامة ؟
نعم إن تجربة المغرب فريدة في مشروع الانصاف و المصالحة و جبر الضرر لأنه تم بالفعل القطع مع مرحلة سيئة الذكر من التاريخ الأسود للمغرب و لكن يا سيدي الصبار و أنت سيد العارفين بأن تحقيق العدالة الانتقالية و حقوق الإنسان في فلسفتها هي ثقافة و هي إحساس بالنسبة للمواطن العادي بممارسته لمجموعة من الحقوق و شعوره و إحساسه بأنه في دولة المؤسسات و دولة الحق و القانون و بأنه جدير بالاحترام و عدم المس بكرامته إلى غير ذلك ، و هذه الحقوق سيدي الصبار لم تعد فقط مختزلة في استعمال العنف ضد المواطنين في الوقفات السلمية و الشطط في استعمال السلطة و العنف غير المبرر و المبالغ فيه بل أصبحت تشمل الحق في التزود بالماء و الكهرباء و حق تمدرس أبناء المغاربة الكادحين خاصة في الوسط القروي و حق العلاج و الحق في السكن اللائق و الحق في إنجاز الوثائق بمختلف الإدارات العمومية إلى غير ذلك من الحقوق و التي تعتبر أساسية و لا يمكن لمؤسسة القضاء الدفاع عنها لأنها تدخل في اليومي للمواطن و المعاملات و السلوك ،و للقضاء عليها لابد من تدخل المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان و إذا لم تكن له اختصاصات مؤسسة القضاء فإن له الحق في مراسلة مختلف مؤسسات الدولة بما فيها الوزارات و المديريات و رئيس الحكومة من أجل فرض احترام المواطنين و احترام القانون و اعتبار أي شطط في استعمال السلطة أو أي تعنيف و استعمال للقوة هو فعل ينبغي التصدي له و وضع حد لصاحبه حتى لا يتكرر و حتى لا يقوم شخص آخر بمثله و ليس في حقوق الإنسان ما هو انتهاك جسيم و ما هو انتهاك غير جسيم و أن صفع شرطي لمواطن أو ضرب معتصمين مسالمين هو ليس من اختصاص المجلس الوطني لحقوق الإنسان ، فإن الصفعة إذا سكتنا عنها اليوم سوف تتحول إلى ركلة و إلى عاهة مستديمة غدا أو بعد غد و إن تعنيف المتظاهرين المسالمين اليوم إذا سكتنا عنه سوف يتحول إلى إطلاق النار عليهم غدا أو بعد غد و هكذا تتحول المخالفات الصغير إلى تجاوزات كبيرة و إلى خرق سافر لحقوق الانسان و هكذا بدأت في مغرب الأمس إلى أن أصبحت إعدامات و اختطافات و سجون سرية و اعتقالات خارج المحاكمة العادلة .
و العدالة الانتقالية التي تتحدث عنها ، فأنت رجل قانون و محام قبل أن تكون رئيسا لهيئة و تعرف بأن فلسفة العقاب ليس فيها الجرم الصغير و الجرم الكبير لأن التدرج في سلم الجريمة يبدأ بالجرم الصغير ليصل إلى الجريمة المنظمة و الاحتراف و أنت تعرف كذلك بأن العدالة التي تطالب بالإحالة عليها " ماحلات حتى مشاكلها مع الموظفين ما بقى غير قضايا و حقوق المواطنين "