"كانوا وزراء" .. الكحص صحافي من تازة أوصل العطلة إلى الجميع.
هسبريس - يوسف لخضر
20-ماي-2018 11:00
هو من الأسماء التي غابت عن الساحة الوطنية، ولم يعد له أثر إلا لماماً، إنه محمد الكحص، الصحافي القادم من مدينة تازة، والذي تقلد منصب كاتب الدولة مكلف بقطاع الشباب سنة 2002 بألوان حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية في ظل حكومة إدريس جطو.
اخترنا في هسبريس اسم محمد الكحص، ضمن سلسلة «كانوا وزراء» لشهر رمضان، لأنه نجح، بغض النظر عن التقييمات المتباينة، في إطلاق عدة برامج خاصة بالشباب المغربي، ولا يزال اسمه يذكر مقروناً ببرنامج «العطلة للجميع»، الذي سمح لمئات الآلاف من أطفال المغرب بخوض غمار الاصطياف بعيداً عن المدرسة والأسرة.
ويعد البرنامج الوطني «عطلة للجميع» لحد الساعة من بين أهم الأنشطة التي تُشرف عليها وزارة الشباب والرياضة كل سنة، ويعتبر واحداً من أهم أنشطة القرب، التي تتوخى تعميم الاستفادة من العطلة على الأطفال والشباب المغاربة باختلاف مستواهم الاجتماعي ومكان إقامتهم.
ويقوم برنامج «العطلة للجميع» على فلسفة استثمار الوقت داخل المخيم بعيدًا عن أجواء الأسرة والمدرسة، والاستفادة من الأنشطة الجماعية ذات البعد التربوي والتكويني والفني، وتمكين الأطفال والشباب من التمتع بعطلة مفيدة وهادئة.
صاحب هذه المبادرة القيمة سقط رأسه في شتنبر من عام 1963 بمدينة تازة، مارس الصحافة بعدما حصل على شهادة الماستر في علوم التدبير بجامعة نانسي الفرنسية، وحاز على دبلوم الدراسات العليا من كلية الصحافة بستراسبورغ، كما كان ناشطاً في نقابة الاتحاد الوطني لطلبة المغرب.
حين عاد الكحص إلى المغرب حاملاً دبلوماته، شغل منصب مدير مساعد، ثم مدير التحرير، وكاتب افتتاحية يومية «ليبراسيون»، لسان حال حزب الاتحاد الاشتراكي باللغة الفرنسية، خلال الفترة الممتدة من 1993 إلى 2005، ليخوض بعد ذلك مساراً آخر في قبة البرلمان.
انتخب الشاب الكحص، ذو الابتسامة الخجولة، نائباً برلمانياً عن حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية بمدينة الدار البيضاء سنة 2002 في انتخابات صعبة، وعُين كاتباً للدولة لدى وزير التربية الوطنية مكلفاً بالشباب من تلك السنة إلى غاية سنة 2007.
يرجع الفضل إلى الكحص في تأسيس عدد من المبادرات الثقافية، أهمها الجامعات الشعبية، التي ما زالت تنظم في بعض المدن المغربية لحد الساعة، إضافة إلى المعهد الوطني للشباب والديمقراطية، كما أنه صاحب عدد من البرامج الوطنية التي تعنى بالنهوض بقضايا الشباب، من «زمن الكتاب» إلى «العطلة للجميع»، و«الجامعات الشعبية»، و«منتدى الشباب»، و«أندية مسرح الشباب»، و«أندية وأوراش سينما الشباب»، و«الكتاب على الشاطئ»، و«المخيمات اللغوية». كما يرجع إليه الفضل في إحداث المركز الوطني للإعلام والتوثيق للشباب، وكان صاحب «المشروع التطوعي» و"بطاقة الشباب".
مقربون منه يصفونه بالكتوم، لكنهم يجمعون، أيضاً، على أنه جريء في الوقت المناسب.. ابتسامة خجولة تعلو محياه، وخصلات شعر متمردة نحو اليسار بشكل يتماهى مع عشقه اليساري لما التحق يافعاً بحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، حين كان الحزب حزب الطبقة المتوسطة، وذا قاعدة شعبية كبيرة تحمله في القلوب.
الكحص مثله مثل عدد من رموز حزب "الوردة" اليساري، تواروا إلى الخلف في السنوات الماضية، كما فعل زعيمهم عبد الرحمن اليوسفي، منهم من اعتبر حزب الاتحاد الاشتراكي وهنا ومات، ومنهم من صمت وبات يشده الحنين إلى زمن مضى، حين كان اليسار صوتاً للمغاربة البسطاء.
لا يظهر الكحص إلا نادراً، لكن ليس بجبة الصحافي أو السياسي أو المسؤول الحكومي السابق، بل بجلباب المثقف، فتارةً يشارك في ندوات فكرية، وأحياناً في مهرجانات، وفي تلك المرات التي يظهر فيها منسلاً وكأنه هارب من الضوء، يمسكه فضول زملائه الصحافيين ليلقي بعض كلماته البسيطة والثقيلة في الوقت نفسه.
آخر ظهور للكحص كان في فبراير الماضي، حين حضر الجلسة الافتتاحية للمؤتمر الرابع للحزب الاشتراكي الموحد، الذي تقوده نبيلة منيب، حيث قال، في تصريحات لجريدة هسبريس الإلكترونية، إن «المغرب في حاجة إلى وجود يسار قوي، إذ لا يمكن تحقيق الديمقراطية بدون هذا المكون الذي يمثل إيديولوجيا مختلفة".
ويرى محمد الكحص أنه في حالة استمرار تدمير المدرسة العمومية والخدمات الصحية والأساسية والقضاء على فكرة التضامن في المجتمعات الإنسانية سنكون مقبلين على «حتف حضاري»، ولهذا يؤكد وزير الشباب سابقاً أن اليسار يملك الأجوبة والمبادئ التي يمكن أن يقوم عليها البديل الإنساني.
حضور محمد الكحص في مؤتمر حزب "الشمعة" قابله غياب عن مؤتمر حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، الذي انتخب العام الماضي إدريس لشكر كاتباً أول لحزب عبد الرحيم بوعبيد للمرة الثانية، ليستمر في قيادة حزب غادره الكثير من أبنائه وبناته، بسبب خلافات حادة مع القيادة الحالية.. لينضاف إلى قائمة المتوارين إلى حين.