كشفت مصادر مطلعة لـ"الأحداث المغربية" أن قضاة المجلس الأعلى للحسابات،
فتحوا تحقيقات موسعة في ملفات تتعلق بمبالغ مالية ضخمة تم صرفها في القطاع
الرياضي خلال السنوات العشر الأخيرة للتحقق من سلامة الصفقات من شبهة وجود
تلاعبات مالية. وحسب مصادرنا فإن من بين الملفات المستهدفة بالتحقيقات ذلك
المتعلق بصرف 150 مليار سنتيم من أجل تحديث وتطوير البنيات التحتية
الرياضية، بموجب اتفاقية تجمع بين أربعة قطاعات حكومية، والتي كان قد
وقعها كل من وزير الداخلية ووزير الاقتصاد والمالية ووزير الشباب والرياضة
ووزير التجهيز والنقل واللوجستيك، وفوزي لقجع، رئيس جامعة كرة القدم،
بالموازاة مع فتح تحقيق يهم ميزانيات التظاهرات الرياضية الكبرى التي
احتضنها المغرب في السنوات الأخيرة.
وأوضحت مصادرنا أن قضاة المجلس الأعلى سيدققون في الوثائق الخاصة بجميع
المشاريع التي تم إنجازها أو تلك التي مازالت لم تكتمل بعد، من أجل التأكد
من سلامة المساطر القانونية التي تم اعتمادها لتفويت الصفقات إلى الشركات
المكلفة بإنجاز المشاريع المتمثلة على الخصوص في بناء أربع أكاديميات جهوية
للتكوين، وتأهيل المركز الوطني بالمعمورة، وتجهيز 11 مركزا لتكوين
اللاعبين وإحداث 11 مقرا للعصب الجهوية وتجهيز وتكسية 90 ملعبا بالعشب
الاصطناعي، وتكسية أربعة ملاعب بالعشب الطبيعي، ويتعلق الأمر بملعب سانية
الرمل في تطوان والبلدي في القنيطرة والمسيرة بآسفي والفوسفاط في خريبكة،
إلى جانب تجهيز 11 ملعبا بالإنارة.
وبلغت التكلفة المالية الإجمالية لإنجاز هذه المشاريع ما قدره مليارا
و500 مليون درهم (150 مليار سنتيم)، ساهمت فيها على الخصوص وزارة الداخلية
بـ600 مليون درهم، ووزارة الشباب والرياضة بمبلغ 300 مليون درهم، ووزارة
الاقتصاد والمالية بملغ 200 مليون درهم، والجامعة الملكية المغربية لكرة
القدم بمبلغ 100 مليون درهم.
وسبق للمجلس الأعلى للحسابات أن رصد اختلالات خطيرة في التدبير الإداري
والمالي لوزارة الشباب والرياضة ومختلف مصالحها، أمد الوزير السابق رشيد
الطالبي العلمي بخلاصة تقريرين من أجل الرد عليهما، حيث أشار الأول إلى أن
نمط الحكامة المعتمد في تدبير شؤون الوزارة تقليدي ومتجاوز، ويتعين إعادة
النظر فيه بشكل شامل، في حين أشار التقرير الثاني إلى اختلالات مالية خطيرة
في بعض الحالات تخص بعض الصفقات المالية التي تصل قيمتها الإجمالية إلى 55
مليار سنتيم.
وأبلغ وزير الشباب والرياضة آنذاك كبار مسؤولي الوزارة بخلاصة تقريري
المجلس الأعلى للحسابات، وطلب منهم إمداده بتوضيحات عاجلة بخصوصها، لكونها
تخص فترة لم يكن قد تسلم فيها مسؤولياته بعد، كما أن الطالبي العلمي لم
يكتف بهذا الحد، بل قام أيضا بتكليف أحد مكاتب الافتحاص المالي بالقيام
بعملية افتحاص شامل لـ60 صفقة عمومية مفتوحة، من بينها 13 صفقة تمت من طرف
وزارة الشباب والرياضة مركزيا و47 صفقة أخرى، تمت عن طريق عدد من المديريات
الجهوية للوزارة، حيث لا تقل قيمة كل صفقة عن نصف نصف مليار سنتيم، ليصل
المبلغ الإجمالي للصفقات المعنية إلى 55 مليار سنتيم.
ورصد المجلس الأعلى للحسابات تجاوزات خطيرة وخروقات في قانون الصفقات
العمومية، فيما يخص إسناد عدد من الصفقات سالفة الذكر لبعض الشركات دون
غيرها، ناهيك عن كون بعض الصفقات الخاصة بالتجهيز بمعدات لوجيستيكية تمت،
وتسلمت الشركات المعنية بها مستحقاتها دون أن يظهر لتلك التجهيزات والمعدات
أي أثر، وهو ما أثار غضب الوزير ودفعه للقيام بافتحاص شامل، من أجل تحديد
الجهات المسؤولة عن الخروقات التي تم رصدها، واتخاذ الإجراءات القانونية
اللازمة لمواجهة هذا الأمر.