تقرير مفصل عن المناظرة المرئية: “القانون والرياضة” التي نظمتها مديرية التعاون والتواصل والدراسات القانونية لقطاع الشباب والرياضة.
شكل موضوع “القانون والرياضة” محور المناظرة المرئية ،التي نظمتها أمس الأربعاء، مديرية التعاون والتواصل والدراسات القانونية لقطاع الشباب والرياضة عن بعد.
وتم خلال المناطرة، التي أشرف على تأطيرها محمد أوزيان ،مدير مديرية التعاون و التواصل و الدراسات القانونية، مناقشة مواضيع ذات راهنية بالفعل القانوني الرياضي من قبيل “خصوصيات الشركات الرياضية” و”الإطار القانوني لفض المنازعات الرياضية أمام غرفة التحكيم الرياضي بالمغرب” “واعتماد الجمعيات الرياضية في ظل قانون التربية البدنية والرياضة رقم 30.09″ و”الرياضة مابين تقاليد الممارسة و تدابير الحكامة”.
واعتبر محمد أوزيان في بداية المناظرة أنه إذا كان القانون أسمى تعبير عن إرادة الأمة، فإن الرياضة تعتبر رافعة للتنمية البشرية وعنصرا مهما في التربية والثقافة وعاملا أساسيا في الصحة العمومية، مشددا على ضرورة ضبط المجال الرياضي وتأطيره ومراقبته بما يضمن سلامة المنافسة وشرعية النتائج المحصل عليها.
وتطرق محمد الإدريسي العلمي المشيشي، أستاذ التعليم العالي بجامعة محمد الخامس بالرباط، في مداخلته حول “الشركات الرياضية” إلى وجه الخصوصية التي يتمتع بها نظام الشركات الرياضية ما بين القواعد العامة المنصوص عليها في القانون 17 لسنة 1995 المتعلق بالشركات المساهمة والقانون 09-30 المتعلق بالتربية البدنية.
وأشار في هذا الصدد، إلى أن التنظيم القانوني للشركات الرياضية يرتبط أساسا بالسياق العام والخاص الذي أفرزه، وبالخصائص القانونية التي تميز المقتضيات المطبقة عليها الواردة في القانون 09-30.
وقال إنه على مستوى السياق العام ، فإن بروز هيمنة الفكر الاقتصادي والبحث عن الربح المادي على مختلف مجالات المعاملات المادية وغير المادية تنعكس على تحويل أنشطة اجتماعية وإنسانية تقليدية إلى تصرفات داخلة في ميدان الاستثمار بغاية المضاربة والبحث عن الربح، موضحا أن الرياضة لا تخرج عن هذا التطور حيث ظهرت سوق للرياضة على الصعيد الدولي ثم الوطني احتلت مكانة واضحة في الفكر الاقتصادي والانتاج الوطني ومداخيل الدولة، وهو ما غير ثقافة الرياضة والغاية الاجتماعية والإنسانية لممارستها.
وأضاف الإدريسي العلمي المشيشي أنه بعدما كانت الرياضة تشكل تجسيدا لهواية من أجل المتعة والصحة والحيوية الجسدية الشخصية، صارت وسيلة لتحقيق الشهرة والنجومية والثروة والمكانة الاجتماعية، وانتقلت بالتالي تدريجيا من الممارسة على وجه الهواية في إطار جمعيات إلى الممارسة على وجه الاحتراف في إطار الشركات التجارية.
وأوضح أنه أمام هذا “الاختلال” بين القانون والواقع جاء رد فعل تصحيح التشريع قويا بصفة عامة على مستوى العلاقات الاقتصادية وبصفة خاصة على مستوى ممارسة الرياضة، حيث توجه التشريع الحالي إلى مراجعة نظام المقاولات والوحدات الاقتصادية من خلال سن مدونة جديدة للتجارة ليوسع قائمة الأنشطة التجارية بإدراج أعمال مثل تنظيم الفرجة والتسلية بما فيها الممارسة الرياضية.
وأصبحت، يضيف المتحدث، كل الشركات التي يمكن أن تهتم بالرياضة شركات تجارية، حيث جاء القانون 09-30 المتعلق بالتربية البدنية والرياضة ليراجع مجمل التشريع المنصب على الرياضة، معترفا بالتالي بالشركات الرياضية ومخصصا لها مباشرة القسم الثاني من الباب الثاني المواد 15 إلى 21 ، علاوة على مقتضيات متعددة تهم الممارسة التجارية للرياضة.
ويقرر القانون الجديد ،بحسب العلمي المشيشي، إمكانية إحداث شركة رياضية تتسم بخصائص عامة وخاصة بها، حيث تأتي في شكل شركات مساهمة تسري عليها أحكام القانون 17 لسنة 1995 المتعلق بشركات المساهمة وقواعد القانون 09-30 .هذا الأخير الذي جاءت أحكامه آمرة لا تترك مجالا للرضائية إلا نادرا.
أما حسن المولودي، عضو غرفة التحكيم الرياضي، الذي تطرق إلى موضوع “الإطار القانوني لفض المنازعات الرياضية أمام غرفة التحكيم الرياضي بالمغرب”، فشدد على أن الحديث عن الرياضية كوسيلة للترفيه وتهذيب النفس يستوجب استحضار أن ممارسة هذا النشاط لا يجب أن يتم في إعفاء تام لبعدها الروحي، وبالتالي فمن الواجب أن تنظم وتمارس في الإطار القيمي والأخلاقي وإعطائها الرفعة المرجوة.
وأشار إلى أن التنظيم في المجال الرياضي والممارسة تترتب عليها منازعات بحيث تفرض إبرام عقود بين الرياضيين والشركات والجمعيات أو الجامعات الرياضية، لذلك خص المشرع زخما كبيرا من النصوص القانونية في هذا الباب بحيث تطرح إشكالية الجهة التي ستبث في هذه المنازعات.
وقال إن القضاء هو الذي كان يتولى البث في هذه المنازعات أو غرفة التحكيم الدولية بلوزان السويسرية، وهو ما يترتب عليه تكاليف مادية، فضلا عن تعثر هذه القضايا أمام المساطر خاصة أن بعض المنازعات تقتضي أحيانا السرعة في البث خاصة إذا تعلق الأمر مثلا بإقصاء فريق معين من إحدى التظاهرات الرياضية أو بصعوده أو هبوطه من قسم إلى آخر. لهذا يضيف المولودي، تم إحداث غرفة التحكيم الرياضي ،التي نصت عليها مقتضيات المادة 44 من قانون التربية البدنية والرياضة قبل أن يصدر المرسوم التطبيقي سنة 2011 وتم تعيين رئيس لها سنة 2017، ثم اختير أعضاؤها في 2018، وبدأت اشتغالها بشكل طبيعي الآن بهدف تطهير الممارسة الرياضية من مجموع الممارسات غير القانونية . وتابع المولودي، أن الفصل 44 من قانون التربية البدنية والرياضة حدد مهام غرفة التحكيم الرياضي في “البت في أي خلاف ناتج عن تنظيم الأنشطة البدنية والرياضية أو ممارستها أو يحصل بين الرياضيين، والأطر الرياضية المجازين، والجمعيات الرياضية، والشركات الرياضية، والجامعات الرياضية والعصب الجهوية والعصب الاحترافية”.
وأضاف في الإطار ذاته، أن الغرفة لا تبت حسب المادة نفسها، في “النزاعات المتعلقة بتعاطي المنشطات، أو المتعلقة بحقوق لا يجوز للأطراف التنازل عنها”، لكن “تكون مقررات غرفة التحكيم الرياضي واجبة النفاذ، وملزمة لجميع الأطراف المتنازعة”.
كما أوجز حسن المولودي خلال مداخلته في بعض المقتضيات الإجرائية المتعلقة بمقتضيات مسطرة التحكيم، واستقلالية المحكمين بغرفة التحكيم الرياضي عن السلطة التنفيذية الممثلة في وزارة الثقافة والشباب والرياضة واللجنة الوطنية الأولمبية المغربية.
من جانبه، سلط عبد الواحد عزيبو ،المدير الجهوي لقطاع الشباب والرياضة بجهة طنجة تطوان، الضوء خلال مداخلة بالمناسبة حول “الرياضة مابين تقاليد الممارسة و تدابير الحكامة”، من خلال ممارسة الرياضة القاعدية من قبيل “أبطال الحي” وطنجة الكبرى .. طنجة الأبطال” و”أولاد الحومة”.
وأشار إلى أن اختيار موضوع “الرياضة مابين تقاليد الممارسة و تدابير الحكامة” مرتبط بالأساس بالممارسة التقليدية للرياضة التي عمرت طويلا وشكلت “إرثا غير سليم” في مستويات كثيرة باعتبار أن ممارسة الرياضة في مجالات كثيرة ظلت بعيدة عن مقتضيات الحكامة والقانون.
وقال عزيبو، في هذا الصدد، إن المناظرة الوطنية حول الرياضة (الصخيرات 2008) شددت على أن من بين الإشكالات الحقيقية للرياضة بالمغرب، هي إشكالات الحكامة والتدبير الرشيد للمجال الرياضي، مضيفا أنه لا يمكن وجود الرياضة بدون قانون ولا يمكن ممارسة أي نشاط من هذا القبيل دون تأطيره بالقانون لتحقيق تطوير الممارسة الرياضية على المستوى القاعدي وأيضا إعطائها الإشعاع الدولي والجهوي .
وخلص إلى أن القانون 09-30 من شأنه أن يطور الممارسة الرياضية ويساهم في انتقالها إلى مستوى أكثر انضباطا وترسيخ مبادئ الحكامة الجيدة والتدبير السوي وتأهيل الحقل الرياضي، الذي يلعب دورا مهما في التأطير والمرافقة والتربية وتحقيق المنافسة الرياضية الشريفة، فضلا عن مساهمته في تطوير الاقتصاد الوطني.
وفي مداخلة حول “اعتماد الجمعيات الرياضية في ظل قانون التربية البدنية والرياضة رقم 30.09” اعتبر محمد أولحاج، المكلف بالمنازعات الرياضية في مديرية التواصل والدراسات القانونية ، أن موضوع الاعتماد يمس في العمق التسيير الرياضي على الصعيد الوطني وخصوصا الجمعيات الرياضية التي تعد اللبنة الأساسية في تشكيل الهيكل الرياضي الوطني.
وأشار إلى أن اعتماد الجمعيات الرياضية تترتب عليه عدة اثار منها المشاركة في مختلف التظاهرات و المنافسات الرياضية المنظمة من طرف الجامعات الرياضية والعصب الجهوية، وكذا العصب الاحترافية عند الاقتضاء والاستفادة من إعانات الدولة (الجماعات الترابية والمؤسسات العمومية)، مع إمكانية وضع مؤطرين رهن إشارة الجمعيات الرياضية في إطار تعاقدي، وتمكينها من استخدام منشآت تابعة لأملاك الدولة أو الجماعات المحلية أو المؤسسات العمومية. وشدد على أن هذا الاعتماد لايمكن الاستفادة منه إلا بعد أن تطابق الجمعية أنظمتها الأساسية بالأنظمة الأساسية النموذجية للجمعيات الرياضية المحددة بقرار وزير الشباب والرياضة رقم 1100.6 بتاريخ 27 جادى الثانية 1437 ) 6 أبريل 2016 المتعلق (بسن الأنظمة الأساسية النموذجية للجمعيات الرياضية).
** إعداد فاطنة بلعسري.