هذا الرأي، الذي عُهد إعداده إلى لجنة دائمة مكلفة بالقضايا الاقتصادية والمشاريع الإستراتيجية ترأسها محمد فيكرات من أجل الانكباب على موضوع اقتصاد الرياضة والوقوف على مكوناته وواقع حال مختلف عناصر سلسلة القيمة، استهدف “اقتراح المداخل الكفيلة بتنظيم هذا القطاع وهيكلته وإضفاء طابع الاحترافية عليه، مع تحويله إلى صناعة قائمة الذات، بما ينسجم مع توجهات النموذج التنموي الجديد”.
وكان لافتا ضمن أبرز مخرجات هذه الإحالة الذاتية، التي تم إعدادها وفق منهجية تشاركية شملت نقاشات موسعة بين مختلف أجهزة المجلس وجلسات إنصات نُظمَت مع الفاعلين المعنيين بهذا الموضوع فضلا عن الاستشارات المواطِنة عبر المنصة الرقمية “أشارك”، دعوة مجلس الشامي إلى تسريع تحول الجمعيات والنوادي الرياضية المغربية إلى أنه “على الرغم من الامتياز الديمغرافي المتمثل في الشباب بالمغرب من أجل النهوض باقتصاد الرياضة، فإن القطاع لا يزال يعاني من العديد من الاختلالات التي لا تجعل منه بعد رافعة لخلق الثروة وفرص الشغل، ومحركا للدينامية الاقتصادية تحفز التطوير والابتكار”.
وأكد الشامي، خلال كلمة له الأربعاء بمناسبة تقديم التقرير، أن هذه الوضعية تؤثر على جاذبية القطاع إزاء المستثمرين الخواص، مما يحد من إمكانيات التمويل، مشيرا إلى أن ضعف البعد الاحترافي لهذا القطاع يشكل عقبة أمام الأنشطة المرتبطة بشكل مباشر بالرياضة، لاسيما الرعاية وحقوق البث وبيع التذاكر والتسويق الرياضي؛ لكن أيضا الأنشطة المرتبطة بشكل غير مباشر بالرياضة، كالنسيج والمعدات الرياضية والمطاعم والإيواء، وغيرها.
وتهدف أبرز التوصيات التي خلص إليها عمل لجنة المجلس إلى رفع حصة مساهمة الرياضة في الناتج الداخلي الإجمالي بعدما قدّرت في 2020 بحوالي 0.5 في المائة؛ من خلال إرساء الالتقائية بين القطاع الجمعوي الحالي الذي يَعتبر الرياضة نشاطا ترفيهيا وبين الرياضة كقطاع اقتصادي جاذب للاستثمارات الخاصة وقادر على خلق الثروة ومناصب الشغل المستدامة.
وتعليقا على مخرجات الرأي وتوصياته، قال رشيد ساري، خبير ومحلل اقتصادي، إن دراسة المجلس “ليست صادمة بقدر ما تعكس واقع حال القطاع الرياضي ومساهمته في الاقتصاد الوطني” واصفا النسبة المذكورة بـ”الرقم المقلق”، علما أن “قطاعات اقتصادية تحويلية نشيطة كالسياحة تظل مرتبطة بالرياضة؛ لكن هناك مثبطات تعيق تطوير العلاقة بينهما”، يرجع بعضها إلى المواطنين الذين تصل نسبة الذين لا يمارسون أي نشاط رياضي منهم إلى 30 في المائة.
وسجل ساري، في تصريح لهسبريس، أن “ارتباط الرياضة بالاقتصاد في السياق المغربي يظل ضعيفا جدا لاعتبارات عديدة”، معددا من أهمها “ارتباط ممارسة الأنشطة الرياضية بالنشاط الجمعوي غير النفعي عبر بنيات تحتية رياضية متواضعة”، قبل أن يلفت المتحدث ذاته إلى “دور محتشم للجهات في الإقلاع الرياضي وتطويره” وظاهرة “عزوف عموم الجماهير عن الملاعب بسبب انعدام الأمن” حسب 65 في المائة من المواطنين المستجوَبين ضمن استطلاع رأي أجراه المجلس، وهو ما يحرم الأندية الرياضية من “مداخيل مهمة” حسب إفادة ساري.
“ما ينقص المغرب اليوم هو أن يتم تنظيم الأندية على شكل مقاولات خاصة ربحية، بعيدا عن منطق الممارسة الهاوية لبعض الأندية والجمعيات الرياضية” أكد المحلل الاقتصادي المغربي موصيا في الصدد ذاته بضرورة “التنسيق بين قطاعات وزارية متدخلة لتحقيق تنمية اقتصادية رياضية”؛ وهو ما لن يتأتى، حسب ساري، سوى عبر “إدماج الأبعاد التجارية والسياحية في تنظيم وتخطيط التظاهرات الرياضية الكبرى”.
وخلص ساري إلى اقتراح “سن نص قانوني ملزم للمقاولات المغربية التي تحقق رقم معاملات ضخم بتخصيص دعم يُوجَّه لمواكبة الإقلاع الاقتصادي للأندية الرياضية”، داعيا الأخيرة إلى التفكير في التحول التدريجي نحو منطق المقاولة النفعية المربحة”.