تقرير حول جواز الشباب
أطلقت حكومة السيد عزيز اخنوش تحت إشراف وزارة الشباب والثقافة والتواصل، إجراء خاصا بالشباب، تحت اسم جواز الشباب، تسعى من خلاله إلى الوفاء بالالتزامات والإجراءات التي تضمنها برنامجها الحكومي اتجاه الشباب، وتهدف عبره إلى تمكين الشباب المغربي، من بطاقة إلكترونية تشمل عددا من الخدمات الثقافية والرياضية والترفيهية وتلك المرتبطة بالنقل، تقدمها الحكومة بأثمان تفضيلية، عبر مجموعة من الشراكات الترابية والقطاعية.
وإذا كانت الحكومة قد أعلنت الإطلاق التجريبي لهذا الإجراء الشبابي، في كل من مدينتي الرباط وسلا، فإن هذه المبادرة تظل ضبابية وغير واضحة، خاصة في ظل انعدام التواصل، وغياب إشراك هيئات المجتمع المدني سواء فيما يتعلق بصياغة التصورات أو التنفيذ، وشح المعلومات المقدمة من طرف الوزارة الوصية فيما يتعلق بها، وهو ما دفع منتدى المبادرات الشبابية، باعتباره هيئة شبابية مدنية، إلى ضرورة التفاعل الإيجابي مع هذا الإجراء من خلال استقراء آراء عدد من الفاعلين المدنيين والسياسيين والأكاديميين، بالإضافة إلى عينة كبيرة من الشباب داخل المدينتين المعنيتين بالإطلاق التجريبي للجواز، في أفق بلورة تصور واضح من هذه المبادرة، وتقديم مجموعة من التوصيات قصد المساهمة أولا في إنجاح المبادرة وثانيا قصد تجويدها وجعلها قادرة على تلبية طموحات وانتظارات الشباب المغربي.
وفي هذا الصدد، يعتمد هذا التقرير على مقاربة مدنية موضوعية ومحايدة، بعيدة عن أي موقع سياسي أو أيديولوجي، كما لا يبتغي تقديم نقد لهذه المبادرة، بقدر ما يسعى إلى تقديم ملاحظات وتوصیات واقتراحات عملية تساهم في دفع عجلة النقاش حول هذا الجواز، وتقديم رأي واقعي وموضعي يعبر عن المجتمع المدني، باعتباره المستهدف الأول بهذا الإجراء.
سياق جواز الشباب
شكل جواز الشباب أو بطاقة الشباب مطلبا مستمرا لكل الحركات الشبابية والفاعلين المدنيين على امتداد سنوات طويلة، كإجراء يستهدف الشباب ويسهل اندماجهم المجتمعي ويوفر لهم سبل التألق والإبداع، من خلال مجموعة من الامتيازات الممنوحة لهم، حيث أكدت عليه الاستراتيجية المندمجة للشباب سنة 2015، كإجراء يدخل ضمن رؤية مندمجة وشاملة لفائدة الشباب.
وفي هذا السياق، أكد التصريح الحكومي، أن الحكومة ستعمل على العناية بالشباب في إطار برنامج شمولي ومتكامل من خلال أحداث جواز الشباب، لتسهيل الاندماج والتنقل، والتمكين الثقافي لهذه الفئة، ويتعلق الأمر بتمييز إيجابي سيكون في متناول كافة المغاربة المتراوحة أعمارهم ما بين 16 و30 سنة، بغض النظر عن دخلهم، وسواء كانوا من سكان المدن أو البوادي.
وسيتخذ الجواز شكل بطاقة إلكترونية، تكون أيضا وسيلة في الجماعات الترابية والمؤسسات الثقافية والترفيهية لنيل تخفيضات على الخدمات المقدمة للشباب (رياضة، ثقافة، ترفيه)، وذلك من خلال إشراك الجماعات والشركاء الاقتصاديين من أجل تعزيز وتنويع عرض الخدمات المقدمة مع مرور الوقت بالإضافة إلى حث المؤسسات العمومية من متاحف، قاعات عروض، مكتبات وسابح، على منح تخفيضات نوعية لكل الشباب.
وفي غياب أي معلومات حول توجهات هذا الإجراء وكيفية صياغته، وغياب أي إشراك للفعاليات المدنية الشبابية، أكدت وزارة الشباب والثقافة والتواصل، أنها تعمل على تفعيل هذا الإجراء الشبابي من خلال إطلاق التطبيق المعلوماتي الخاص بجواز الشباب “بشكل تجريبي، حيث ستتضمن النسخة الأولى من التطبيق خدمات ثقافية ورياضية ومواصلاتية وبنكية.
وستهم المرحلة الأولى الفئة العمرية ما بين 16 و30 سنة بجهة الرباط، على أن يتم تعميم التجربة لاحقا على باقي الجهات وستشمل المرحلة الثانية المكتب الوطني للسكك الحديدية بغية توفير خدمات تنقل لفائدة الشباب تشمل الجهة بأكملها، وسيوفر التطبيق أرصدة تتراوح ما بين 500 درهم و1000 درهم سنويا للاستفادة من العديد من الخدمات التي تشمل زيارة المعالم التاريخية والمتاحف وملاعب القرب ونزل الشباب وخدمات التنقل عبر المملكة.
ملاحظات
من خلال متابعته للالتزامات الحكومية فيما يتعلق بجواز الشباب، وما أعلنت عنه وزارة الشباب والثقافة والتواصل، ومن خلال الاستشارات الموسعة التي قام بها، يقدم منتدى المبادرات مجموعة من الملاحظات المسجلة حول هذا البرنامج وأهدافه وطرق تنزيله إلى أرض الواقع:
غياب أي تواصل فعلي وموضوعي حول الجواز من طرف وزارة الشباب والثقافة والشباب، حيث صدم منتدى المبادرات الشبابية، بالجهل التام للعينة المستجوبة من خلال الاستطلاع الميداني الذي قام به في مدينة الرباط وسلا، عن الجواز وأهدافه وعن وجوده.
الامتناع غير المبرر لوزارة الشباب والثقافة والتواصل، على إشراك الفعاليات الشبابية والمدنية، في بلورة هذا الجواز إلى أرض الواقع، ونهجها لمقاربة استفرادية، دون أي تشاور أو إشراك، في تناقض تام مع التوجهات والمبادئ المؤطرة للتصريح الحكومي.
غياب أي معلومات رسمية، تشرح وتفصل محتوى جواز الشباب والمزايا التي يتضمنها، باستثناء بعض التدخلات للسيد الوزير في البرلمان حول المبادرة.
التخوف من تضمن الجواز لخدمات ومزايا موجودة على أرض الواقع خاصة فيما يتعلق بالخدمات البنكية والتنقل الحضري وعبر السكك الحديدة، ما يجعل الإجراء دون أي جديد، ويفرغه من مضمونه.
عدم استحضار التفاوتات المشالية والوسطية (الوسط الحضري والوسط القروي) فيما يتعلق بالخدمات والمزايا المتضمنة داخل الجواز، مع العلم أن جل الخدمات والمزايا المقدمة، تغيب البنيات والمرافق المخصصة للاستفادة منها في عدد من الجهات والمناطق.
ضعف المخصصات المالية المعلن عنها فيما يتعلق بجواز الشباب على أساس سنوي، وعدم قدرتها على تلبية الحاجيات الأساسية والانتظارات الكثيرة للشباب.
غياب التنسيق والالتقائية ما بين القطاعات الحكومية المعنية، بما يضمن نجاح البرنامج ويحقق الغايات والأهداف التي يقوم عليها، ويمكن الجواز من الاستفادة من كافة الخدمات المقدمة للشباب، وجعلها أكثر فعالية وأكثر قدرة على تلبية الطموحات والانتظارات.
الطرح المعزول والمفصول للجواز، عن السياسة العامة الموجهة للشباب، وعن الاستراتيجية المندمجة للشباب ما يجعل منه مبادرة بدون اساس استراتيجي وبدون تكامل سياسي بين مختلف التدخلات لفائدة الشباب المغربي.
توصيات
من خلال متابعته لمبادرة جواز الشباب وكيفية عمل الحكومة ممثلة في وزارة الشباب والثقافة والتواصل، في تنزيلها الى الراي العام، وبعد استشارات موسعة مع كافة المعنين بالشأن الشبابي، يقدم منتدى المبادرات الشبابية، هذه التوصيات قصد المساهمة في تجويد هذه المبادرة، وقصد تقديم وجهة نظر مدنية تمكن من المساهمة في النقاش العمومي حول هذا الاجراء :
ضرورة اشراك الفعاليات الشبابية وهيئات المجتمع المدني، في تتبع التنزيل التجريب للبرنامج، والجلوس على طاولة الحوار قصد تجويد الجواز وجعله اکثر قدرة على تلبية طموحات وانتظارات الشباب المغربي.
ضرورة تبني سياسة التقائية مع كافة القطاعات الحكومية التي تمس مجالات تدخلها الشأن الشبابي وخاصة التكوين والتشغيل، قصد بلورة رؤية وضاحة تمكن الجواز من لعب ادواره فيما يتعلق بهذا الشأن
ضرورة تبني استراتيجية تواصلية فعالة، تمكن من التعريف بالجواز وبأهدافه ومزاياه، والخروج من حالة التعتيم غير المبررة التي تنهجها الوزارة الوصية اتجاه هذا الاجراء.
ضرورة التفكير في وضع اليات واضحة لتنويع العرض المقدم من طرف الجواز، ليستطيع تجاوز حالة التفاوتات المجالية والوسطية ( الوسط الحضري والوسط القروي) فيما يتعلق بالخدمات والمزيات التي يتضمنها جواز الشباب.
ضرورة التفعيل الموازي لمختلف اركان الاستراتيجية المندمجة للشباب، ضمن رؤية حكومية شاملة، تجعل من هذا الجواز الية تحفيزية ضمن سياسة متكاملة اتجاه الشباب.